في السادس عشر من ديسمير عام 1770 ولد بيتهوفن
ببلده بون بالمانيا من اسرة موسيقية كان والده مغني من نوع التينور كذلك كان جده قائ
فرقة كورال ببلاط امير كولونيا, تلقي بيتهوفن دروسه الأولي علي يدي والده
السكير الذي لم يكن متلهفا علي المستقبل الفني لابنه العبقري بقدر ما كان يأمل أن يجعل
منه موتسارت ثاني يجني من وراءه ثمن يحستيه من خمر,كان من الممكن أن تكون نشاة بيتهوفن من بيت علي هذا القدر الكبير من الانحلال
وتصرفات والده وسلوكه كنبيلا بان تعقد نفسيه الطفل تجاه الموسيقي عامة واله البيانو
بصفة خاصة ولكن موهبة الطفل المبكرة وطبيعته الذواقة تغلبا علي هذه الصعاب وظل بيتهوفن
في تلك الفترة من تعليم موسيقي كان اقرب إلي الارتجال.
عندما بلغ بيتهوفن التاسعة من عمره عهد
به إلي Neefe الذي عين
عازفا للارغن في بلاط امير كولونيا ببون وكان نيفا استاذ حكيما طيب القلب وكان يعمل
اصلا بالمحاماه ولكن حبه للموسيقي جعله يترك المحاماه ويتفرغ لها وعلي يديه تلقي بيتهوفن
كل رعاية وعطف واحس نيفا بموهبته فساعده للحصول علي وظائف مختلفة كعازف للارغن بالكنيسة
أو كعازف علي الهاربسكورد في اروكسترا البلاط أو عازف فيول علي المسرح وكان ذلك بمبالغ
ضئيلة لكنها ساعدته علي سد احتياجات عائلته الفقيرة.
في عام 1786 سافر بيتهوفن إلي فيينا راغبا
في مزيد من العلم والمعرفة ومعلوماتنا عن هذه الرحلة قليلة غير إننا نعرف عن مقابلة
بيتهوفن لموتسارت الذي اعطاه لحنا ابدع في الارتجال عليه حتى أن موتسارت قد عقب علي
ذلك لاصدقاءه بقوله " ترقبوا هذا الشاب الصغير سيستمع العالم في يوم من الايام
له".
لم تستمر اقامة بيتهوفن في فيينا طويلا
فلقد عاد إلي بون علي نبأ مرض والدته احب واقرب واعز صديق له بعد وفاتها اضطر بيهوفن
أن يمكث في بون ليعين والده السكير واخوية الصغيرين, وجد بيتهوفن في بيت ال فون براوننينج Von
Breoning الرعاية
والعطف ومن مكتبته اتيح له أن يشبع نهمه من الثقافة خاصة في التاريخ العام والادب وكذلك
من خلال معاشرتهم تهذبت عاداته الخشنة وتعلم اداب المحادثة والمائدة .. الخ مما ساعده
فيما بعد علي الاندماج في الاوساط الاورستقراطية,عند عائلة فون بروانينج تقابل بيتهوفن مع الكونت وولد شتاين Waldstein ونشأ بينهما
صداقة متبادلة فلقد قدر الكونت موهبة بيتهوفن الخلاقة فامده بالامكانيات المادية والمعنوية
التي ساعدته علي تنمية وصقل موهبته الموسيقية.
في عام 1792 وعندما كان بيتهوفن في الثانية
والعشرين من عمره مر هايدن ببون في طريقة في رحلته الأولي إلي لندن واحتلفت به الاوساط
الراقية بها ولا سيما القصر الذي كان يعمل به بيتهوفن عازفا في فرقته واتيحت لبيتهوفن
الفرصة ليعرض علي الضيف الكبير بعض مؤلفاته التي اعجب هايدن بها ولمس عبقرية صاحبها
ونصحه ان يستكمل دراسته الموسيقية ووعده أن يقوم بتدريبه اصول التاليف بنفسه بعد عودته
من رحلته إلي لندن, تمكن بيتهوفن بما هيأه له الكونت وولد شتاين
من امكانيات مادية لازمة لان يسافر إلي فيينا لاستكمال دراستة علي يدي هايدن غير أن
هذه الدراسة لم تستمر طويلا فبسفر هايدن إلي لندن في رحلته الثانية عام 1794 انتقل
بيتهوفن إلي الأستاذ البرختسيرجر Albrochtsberger
لدراسة الكنتربوينت ثم إلي ساليري Salierr
ومعه الم ببعض اصول التاليف الغنائي كما درس أيضا مع يوهان شنك J. Schenck وغيره.
كذلك كان بيتهوفن دائم الاستطلاع والتحصيل
بنفسه, لم يمض عام علي بيتهوفن في فيينا حتى ذاعت
شهرته كعاف مبدع علي البيانو وفنان عبقري بما يقدمه من ارتجالات تبتدعها عبقريتها المتفتحة
كذلك واصل بيتهوفن التاليف إلا أن تقبل مؤلفاته جاء متاخرا قليلا فقد عزفت سيمفونيته
الأولي لاول مرة عام 1800.
بالرغم من طبيعة بيتهوفن المتقلبة وسرعة
غضبه وخشونة الفاظة وتحرره في المظهر والعادات الطيبة فقد اعترفت به الاوساط الفنية
واحسنت استقباله بيوت الارستقراطيون في النمسا امثال الارشيدوق رودولف والامير لوبكوفتش
والامير ليشنوفسكي الذي دعاه للاقامة معه وخصص له جناحا في بيته كما خصص له مبلغا شهريا
ليعيش حرا كريما واستقبل في الحفلات كصديق يتفاخرون بصداقته ويشنفوا اذانهم بعزفه علي
البيانو وبالرغم من ثوارت بيتهوفن التي لم تكن نادرة الحدوث إلا أنها لم تقوم علي تعكير
صلته بعلية القوم الذين لمسوا ما تنطوي عليه نفسه الطيبة وما يتصف به من عطف ونبل.
وبذلك ابتسم الحظ لبيتهوفن في فيينا فالف
الموسيقي وقادها بنفسه وانهالت عليه الدعوات للعزف في الحفلات الموسيقية كذلك تزاحم
عليه الناشرون بطلب مؤلفاته واستطاع أن يتغلب علي ما يعتري حياته من المضايقات والمشاكل
المالية وعبء اخ فظ مشاغب اشاع المرارة في حياته وحتى بعد وفاته تسبب ابن ذلك الاخ
في مشاكل لا حصر لها لذلك الفنان الرقيق.
وفي عام 1798 اصيب بيتهوفن بداء في اذانية
ادي به تدريجيا إلي الصمم الكامل غير أن بيتهوفن لم يستسلم لهذه العلة الثقيلة وزاد
المرض تدريجيا حتى أصبح بيتهوفن اصم تماما وهو في الخامسة والاربعين من عمره وحال ذلك
بينه وبين قيادة الاوركسترا وكذلك ابعده عن العزف علي الته المفضلة البيانو.
تسبب هذا الداء في عزله بيتهوفن عن المجتمع
وساءت حالته الصحية وزادت مشاكلة العائلية (أما بالنسبة لسوء حالته المالية فما نقرأه
عن ذلك غير صحيح) مرض بيتهوفن بالتهاب رئوي واشتدت عليه العله فلزم الفراش وتوفي في
ستة وعشرون من مارس عام 1827
تعتبر حياة بيتهوفن الفنية فترة انتقال
في التاريخ الموسيقي إذ جاءت بعض اعماله نهاية للاسلوب الكلاسيكي والبعض الاخر بداية
للاسلوب الرومانتيكي فكانت مؤلفاته الأولي امتداد لاعمال هايدن وموتسارت واعماله المتاخرة
سبقا لاسلوب الرومانتيكي من بعده.
لقد جمع بيتهوفن بين عظمة الفنان وقوة الشخصية
يبرهن علي ذلك المستوي الذي جاءت عليه موسيقاه فهي خلاصة نابضة لتجرة نفسيه عميقة وتعبيرا
موسيقيا صادقا عما كان يعتري حياته من قلق وما يجول في نفسه من الم ازاء مااصابه من
كارثة الصمم وايمان لا يتزعزع بتقبل القدر لذلك ابتعدت موسيقاه عن الروح الكلاسيكية
بتحفظها واتزانها واقتربت من الرومانتيكية بعواطفها الجياشة والعمق في الاحساس والقوة
في التعبير.
يقسم المؤرخون حياة بيتهوفن الفنية إلي
ثلاث مراحل لكل منها مميزاتها :
الفترة الأولي من بدء اشتغاله بالتاليف
حتى عام 1802
وهي فترة تاثره واهتداءه باسلوب هايدن وموتسارت
وكارل فيليب باخ أي تاثره باسلوب الكلاسيكيون غير أن مؤلفاته دلت حتى منذ البداية عن
عبقرية مؤلفها واسلوبه الجديد الجرئ وطريقته القوية في التعبير عن الانفعالات الجياشة
مثال ذلك صوناتا Pathetique Op. 13.
وتشمل اعماله في تلك الفترة علي:
- ·
السيمفونية رقم (1) مصنف 21 من مقام دو الكبير
-
- ·
صوناتاته العشر الأولي حتى Op. 14
وفيها نلمس اثر كارل فيليب باخ ولكيمنتي عليه
-
- ·
6 رباعيات وتريه مصنف 18 Op. 18
-
- ·
الثلاث كونشرتات الأولي للبيانو
-
- ·
الأولي مصنف 15 في دو الكبير
-
- ·
الثانية مصنف 19 في مقام س ط الكبير
-
- ·
الثالثة مصنف 37 في مقام دو الصغير
الفترة الثانية من عام 1802 حتى عام
1815 تقريبا
- ·
ومنها ظهر اسلوب بيتهوفن الحقيقي ويمثل تلك الفترة الأعمال الآتية
-
- ·
السيمفونيات من الثانية حيت الثامنة
-
- ·
الثانية في سلم ري الكبير مصنف 16 عام 1802
-
- ·
الثالثة في سلم مي ط الكبير مصنف 55 عام 1803
-
- ·
الرابعة في سلم سى ط الكبير مصنف 60 من عام 1806 حتى عام 1808
-
- ·
الخامسة في سلم دو الصغير مصنف 67 من عام 1806 حتى عام 1808
-
- ·
السادسة الريفية فا الكبير مصنف 68 عام 1808
-
- ·
السابعة في سلم لا الكبير مصنف 92 عام 1812
-
- ·
الثامنة في سلم فا الكبير مصنف 93 عام 1812
الفترة الثالثة من عام 1815 حتى عام
1827
وتشتمل علي الخمس صوناتات الاخيرة وكتبت
في الفترة بين عام 1816 حتى عام 1821 والقداس العظيم Missa
soleminis وقد اتمه
عام 1822 والثلاثة وثلاثون تنويعا علي لحن لديابيللي Diabelli
واتماها عام 1823 والسيمفونية التاسعة عام 1824 والرباعيات الوترية
الاخيرة بين عامي 1825، 1826
وتوفي عام 1827 تاركا خطته لسيمفونيته العاشرة
واعمال كثيرة أخري.